من خصائص كلامه الغريب في المحبة

من خصائص كلامه الغريب في المحبة


الأربعاء 11 أغسطس-آب 2010









(1) من خصائص كلامه الغريب في المحبة

أيتها البنية لاصفتي لك, صفة المحبوب أحب لحبة , وأطلعه على ما لايهجم به الحب عليه, كذلك المحبوب إذا صار محبه محبوبه, يغار عليه أن يسمع إلا منه, ويضن على مواجده به أن تكون به وفيه.

إلا عما يخبره, لأن المحبوب يرضى بحكم الحب من المحب, مالم يكن المحب محبوباً للمحبوب فإذا أحب المحبوب محبة لم يرض منه إلا بحكمه هو عليه, لأن حكم الحب يمتزج بمراد المحب, وينافي في مصادره مراد المحبوب.

وحكم المحبوب إذا أحب المحب فهو مراد المحبوب صرفاً من مراد سواه, لأن الحب حكم بين المحب والمحبوب إذا ظهرت حقيقته من المحب للمحبوب, فهو يحكم على المحبوب بقبول محبة المحب وإن كانت منافيه لمراد المحبوب, ولاينافي حكم المحب لمراد المحبوب في الموارد, لأنه في الموارد.

طالب والمحبوب عزيز ممتنع, يستحق الطلب ويرضى به من الطالب.

وإنما رضى المحبوب بالطلب له في الموارد, لأنه لايكون ابتداء إلا طلباً لعين المحبوب, فاذا امتد بالمحبوب الطلب وجد بطلبه, وانما صار الطلب في أوائله لعين المحبوب, لا لفعل المحبوب, لأن المحب في ابتدائه يضعف عن حمل حكم استيلاء المحبوب على المحب, فتعلق بالمحبوب على حكم الخيفة من فوت المحبوب, وخيفة الفوت لايبقى معها وجد بسوى المخوف من فوته.

فاذا الزم الحب للمحبوب قبولاً لحب المحب أنس بطلبه للمحبوب, واطمأن به على حكم يصون المحبوب أن يبدي للمحب إلا قبولاً للحب, فيهجم المحب بقوة طمأنينته بقبول المحبوب له على مثابرة طلبه للمحبوب, على حكم بذل المجهود في طلب, لا على حكم الرضا بالطلب عوضاً للظفر بالمحبوب.

فإذا صاحب المحب أنسه بالطلب وساربه , لم يخل من رؤيته في المصادر, فالمحبوب ينظر إلى الطالب ما أراد بطلبه, لا إلى الطلب, والمحب الصادق ينظر إلى الطلب إلى أي وجهة يوجهه مراد المحبوب منه فيه, ولا ينظر إلى المحبوب في سر اختياره في توجيه الطلب.

وانما ينافي حكم الحب في مصادرة مراد المحبوب من وجه, وهو أن يرى المحب عند قبول المحبوب له رسماً من طلبه, وليس يطلبه ماقبله المحبوب, ولاينتفي المحب من رؤية طلبه للمحبوب في قبول المحبوب له, إلا إذا أظهر المحبوب حبه للمحب, فإنه تنقل مواجيده عن كل شئ إلا (2) عنه, ورؤية المحب لرسمه في الطلب هي الفرق بين (3) المحب والمحبوب, ولا يحمل المحب مراد المحبوب صرفاً من سواه, إلا إذا صار محبوباً للمحبوب.

فلتفرقي أيتها المخصوصة بين نظر المحب والمحبوب في شخصين إذا نظر المحب إلى المحبوب في غض المحبوب عن المحب ماذا يثبت نظر المحب في المحب؟ وإذا نظر المحب إلى المحبوب في نظر المحبوب إلى المحبوب فتقابل النظران ماذا يثبت نظر المحب في المحب؟ ماذا يثبت نظر المحبوب في المحبوب؟

وماذا يثبت نظر المحبوب في المحب؟

وماذا يثبت نظر المحب في المحبوب؟ وإذا غضّا عن النظر بعد النظر معاً فماذا يثبت الغض؟ وإن غض المحب قبل المحبوب فعن أي وجد غض؟ وإن غض المحبوب قبل المحب فعما غض؟ وإن نظر المحبوب على المحب قبل نظر المحب إلى المحبوب فمن أي طريق دعاء المحبوب للمحب؟

الجواب

لبيك تلبية مراد بتلبتك , ماكان مني حسن حكومتك جرت به فيه واستخرجته منه, أما المحب إذا نظر إلى المحبوب في غض المحبوب عن المحب ماذا يثبت نظر المحب في المحب؟ فإن المحب إذا نظر إلى المحبوب في غض المحبوب عن المحب ينظر إليه بوجد التعلق به صرفاً من كل وجه, ويمتد به النظر على حكم الحيرة في طلب المحبوب, فلا يزال ناظراً مادام وجد الحيرة, فإذا وجد بطلب من وجه غض متأنساً يتوجه الطلب له من وجه, ولايمتد نظر المحب إلا على وجه الحيرة, فإذا وجد بطلب يسعى به إلى المحبوب غضّ.

فإذا تقابل المحب والمحبوب في نظرهما فإن نظر المحب يثبت في المحب لا بالمحبوب, ويضعف عن حمل مقابلة نظر المحبوب, فيغض حياء وضعفاً عن مصاحبة حكم نظر المحبوب, ويثبت نظر المحبوب في المحبوب تعديلاً للمحب, فلا يجوزه المحبوب من بعد, لأن المحبوب لايصاحب بنظره نظر المحب والا فقد أظهر على نفسه لبسه الإقرار بحب المحب له, ولبسه الاعتراف بحبه لمحبة, ثم يثبت فيه غيرة على المحب من (المحبوب).

وإذا ثبتت الغيرة في المحبوب على المحب لبس المحبوب لبسة الطلب للمحب, فإذا لبس المحبوب لبسة الطلب للمحب فني المحب عن حمل حكم طلبه وطلب المحبوب له, وبقي بحكم تقليب طلب المحبوب له فاذا بقي بحكم تقليب طلب المحبوب له كانت مناظر المحبوب إليه على حكم صيانته أن يكون نظره إلى المحبوب إلا عن حكم مايودعه المحبوب في وجده من حكم نظره إليه.

ويثبت نظر المحب في المحب إذا تقابل نظره ونظر المحبوب إليه اجتياحاً عن المحب والمحبوب في ابتداء مصافحة النظر, لأن ابتداء نظر المحبوب إنما هو عن السر الذي هجم به المحبوب على المحب, فلا يحمل المحبوب مصافحة النظر عن الهجم, فتجتاحه لواحظ المحبوب عن البقيا بالمحبوب للمحب, وعن البقيا للمحب وللمحبوب, ويكون باقياً للمحبوب بالمحبوب.

فإذا امتد التقابل أثبت نظر المحب في وجد المحب ارتياحاً إلى المحبوب, فإذا أثبت نظر المحب إلى المحبوب في تقابل نظر المحب والمحبوب ارتياحاً إلى المحبوب أدركته لواحظ المحبوب, فأشفق المحبوب على المحب أن يخرجه الارتياح إلى الأنس إلى اطراح حق المحبوب, فهناك يغض المحبوب, وقد يدرك المحبوب ذلك من وجد المحب في نظر المحب, فيحيل المحبوب مناظره عن حكم البسط, وهو أن لايطرف ولايرجع جفناً على جفن إلى حكم القبض, وهو أن يصرف لحظه عن لحظ المحب إلى كل المحب سوى لحظة.

فإذا فقد المحب مقابلة لحظ المحبوب للحظه وراه ناظراً إلى سوى لحظة أدرك انقلاب وجد المحبوب به في صرف لحظه عن لحظه إلى ملاحظة غير لحظه, فرجع عن الارتياح بسر الأنس إلى الارتياح بوجد الهيبة, وحكم ذلك فيه نظره إلى ماسوى نظر المحبوب, فإذا أدرك المحبوب انصراف نظر المحب عن منظره صرف نظره عن لحظه وغير لحظه, ليرجع المحب من بعد إلى النظر إلى المحبوب على حكم الطلب الذي يستحقه المحبوب, ولأن المحبوب يحتشم من صرف نظره عن المحب والمحب ناظر إليه, لأن المحب لايحمل صرف نظر المحبوب في نظره هو إلى المحبوب, كما لايحمل مصاحبة ابتداء نظر المحبوب, لأنه يبتدىء ناظراً عن المعنى الذي هجم به, فلايحمل هجمه ويغض عن المعنى الذي تعزز به فلا يحمل قربه.

كذلك وصفي على حكم الانفراد, ووصفك على حكم الاختصاص, فنظر المحب إلى المحبوب في غض المحبوب عن الحب فيما بيني وبينك هو نظرك إلى في نظرك على حكم العلم المتعلق بي.

لا على حكم الوجد, سره منك الحشمة من النظر إلى الجزاء لا الكراهة, فلا تزال تراني ناظراً إلىّ في نظرك إلى الجزاء, مادام وجدك بحكم العلم بالعلق بي لابحكم الوجد , كما أن المحب لايزال ناظراً إلى المحبوب على حكم الحيرة فيه في شاهد التعلق به إلى أن يبدو له شاهد طلب المحبوب من وجه, فيغض أنساً بسبيل يوصله بالمحبوب, إذا كان المحب لايحمل المحبوب بحكم المحبوب.

صرفاً من حكم المحب إلى أن أبدى لك على السنة المعارف علم التعلق بي على حكم الوجد, فإذا ابتدأت علم التعلق على حكم الوجد اقتضاك العلم, فأنت بجواب الاقتضاء, لأن جواب الاقتضاء طلب من المقتضي, فأنست بطلب منهوج, فصرفت منهوج مناظرك إلى تمامك فيه وتمامه لك بحكم الندب والشرط عن مناظرك إلى التعلق بي على حكم العلم بالتعلق بي طمعاً في أن يبلغك المنهوج إلى التعلق بي على حكم الوجد.

كما أن للمحب إذا بدا له في نظره إلى المحبوب في غض المحبوب عنه شاهد طلب يوصله بالمحبوب غض عن النظر إلى المحبوب ونظر إلى الطلب الذي يرجو أن يوصله بالمحبوب, فنظرك إلى الطلب المنهوج اخلاص على حكم التعبد, كما أن نظر المحب إلى طلبه اخلاص في حكم الطلب, فلا يكون النظر منك إلى الطلب اخلاصاً في حكم استحقاق الحق, ولا النظر من المحب إلى الطلب اخلاص في التعلق بالمطلوب من حيث المطلوب, لأن الحب أنهج للمحب الطلب.

والمحبوب إذا أحب محبه لم يرض منه بحكم الحب الممتزج بمراد المحب, وأراد منه أن يكون بحكمه صرفاً من حكم الحب, لأن الحب لا يحكم إلا بطلب المحبوب, والمحبوب في حكم التعزز يمنع من الطلب ويأنف أن يظفر به بطلب, وكل حكم للمحب فهو متعلق بنعت بين الحكم وبين المحب, فحكم طلب, وحكم تعرض, وحكم حب, وحكم محبة, وليس للمحبوب حكم يتعلق به بنعت, فتختلف حكوماته, إنما هو بسر التعلق بالمحبوب من كل وجه.

وأما نظر المحب والمحبوب إذا تصاحبا فيه على حكم التقابل في النظر فهو حكم ما بيني وبينك بمعنى لايكشفه البشرية ولايطلع عليه في الجبلة, وإنما هي مواهب على حكم سر حكم لاينقال.

بينة

كل العيون تتساوى نواظرها, وتتباين مناظرها, فمناظر العموم من نواظرها في اطراقها, فعن قصد ماترجع نظراً, ولو كافحها المنظور بالمنظر تقية وقفها عن الإطراق إلا بها, وأرسلها عن النظر إلا به, فحيرت عن الإيراء في المرئي, وانفصلت عن الرئي بالموري.

والخصوص يجدون بالمنظور في شاهر النظر, فإذا أوقفهم عن حواضر المرئية ونسي بهم مبالغ الاحتمال احالهم عما وجدوا به, فأطرقوا بوجد الإحالة لابوجد الإمالة, وبعلم الوجد المحول.

فإن أريد الخصوص بنظر بعد الإطراق فبوجد جديد, وإذا أريد العموم فبعلم جديد, وحين أخبر المطرق بي للمطرق به أشرت إلى ولما يدركني فأخبره أني.

ولايوجد بي أنه عنك كما أصدق أنك عني.

تحيه حبية

وسائطك إلى همك, فإذا رأيته متعلقاً بمرادي فهو العائد إليك بجوابي, وإن رأيته متعلقاً بمرادك أن يصرف من مرادي فخونه في ما يعود به اليك من جواب, وقد عدل بك عن طريق مراده وطريق مرادك من مراده, وحجبك عنه, فمن أين ظفرت بجوابه ووسائطي إليك الطمأنينة فيما يعود به الهم إذا تعلق بمرادي؟

وللطمأنينة علامتان, إن لم تأتني بهما فقد اطمأننت بغرورك, وهما: سكوت لسان الشرع عن غضك في مالزم, ومحوك لرؤية فضلك في ما أشهدك من تمام لما استاثرت به من العافية.

ولسكوت لسان الشرع عن غضك علامتان, إن لم تأت بهما فقد أصمتك دعواك, فخيل لك الصمم فقد لسان الذم, وهما: شهادته لك بتمامك في اجتناب التأويل, وطرح الفضول التي لايمكنها عندك إلا مراعاتها بما فرضت عليك من مراعاة الفرائض به, وهو همك وعقلك, فإذا جعلتهما راعيين لغرض يرعاه نظري, مقته ولفضل يرعاه نظرك, حبه .

وشركت بينهما في الرعي, فلم يمكنك افراد هم للفرائض وعقل للفضائل اختلطت سوائمهما لاختلاط رعيهما فهما راعيان في جبلة راع واحد, فلا يصح رعي الفضل بلسان الحقيقة, لأن الحقيقة تعتبر ما أوجبت, فاذا صح لها كما أمرت وشرطت حيث دعيت وندبت احتسبت بالفضل من حيث دلت على حفظ الفرض.

ولايصح رعي الفضل بلسان التأويل, لأن التأويل والفرض يحكم بشرطه ولايحكم في شرطه, والحق تعالى أظهر مظهراً أوجده, أي نقشه لما أظهره, وأعلمه به - تعالى – إقراراً وتسليماً, واستاثر عليه بالعلم به قبل كونه وبعد قيامه, فكان علمه موجوداً له لابه وأبانه – تعالى – عن أمره لاعنه, فكان أمره.

وهو قدرته صفة له – تعالى – فاقتضت الصفة موصوفاً بها وموصوفاً له, فالحق تعالى موصوف بالصفة, والحدث موصوف له الصفة, ولاينبغي للحدث أن يكون وصفاً للحق تعالى من قبل أنه كان في العلم قدم, فلو كان الحدث صفة القدم لما تضمنه علم القدم والحق سبحانه وتعالى مستغن بوجوده عما أوجد له به, وكما العلم اقتضى عالماً وهو الحق, واقتضى معلوماً وهو العبد, فكذلك الصفة تقتضي موصوفاً وهو الحق, وتقتضي واصفاً وهو العبد فإذا جعل الوصف صفة, والمعلوم علماً يذهب إلزام العلم والصفة لعالم ومعلوم, وواصف وموصوف.
عن الجمهورية نت






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفضول - ( عبد الله عبد الوهاب نعمان ) - ليتني ماعرفته...!!

التصوير الفني في القرآن ...ل.سيد قطب ...الناقد الفذ 1ـــ3

حديث الــــــــــروح ....للمفكر الاسلامي الباكستاني /محمـــــــد إقبالْ 1ـــ3