الحلاج .....2ـ 3 عن صحيفة الجمهورية...!!

طاسين السراج


قال رضي الله عنه: طس ، سراج من نور الغيب، وبدا وعاد، وجاوز السراج وساد، قمر تجلى من بين الأقمار، برجه في فلك الأسرار، سماه الحق (أمياً) لجمع همته، و(حرمياً) لعظم نعمته و(مكياً) لتمكينه عند قربه شرح صدره، ورفع قدره، وأوجب أمره، فأظهر بدره، أضاء سراجه من معدن الكرامة.

ما أخبر إلا عن بصيرته، ولا أمر بسنته إلا عن حق سيرته، حضر فأحضر وأبصر فخبر واندل، فحدد، ما أبصره أحد على التحقيق سوى الصديق، لأنه وافقه ثم رافقه، لئلا يبقى بينهما فريق، ما عرفه عارف إلا جهل وصفه (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون) أنوار النبوة من نوره برزت، وأنوارهم من نوره ظهرت، وليس في الأنوار نور أنور وأظهر وأقدم من القدم سوى نور صاحب الكرم، همته سبقت الهمم ووجوده سبق العدم واسمه سبق القلم، لأنه كان قبل الأمم ما كان في الآفاق وراء الآفاق ودون الآفاق أظرف وأشرف وأعرف وأنصف وأرأف وأخوف وأعطف من صاحب هذه القضية وهو سيد البرية، الذي اسمه (أحمد) ونعته أوحد، وأمره أوكد وذاته أوجد، وصفته أمجد وهمته أفرد، يا عجباً ما أظهره وأنظره وأكبره وأشهره وأنوره وأقدره وأبصره لم يزل كان، كان مشهوراً قبل الحواديث والكواين والاكوان ولم يزل كان مذكوراً قبل القبل وبعد البعد والجواهر والألوان، جوهره صفوي، كلامه نبوي، علمه علوي، عبارته عربي، قبيلته (لا مشرقي ولا مغربي) جنسه أبوي، رفيه رفوي، صاحبه أمي، بإشارته أبصرت العيون، به عُرفت السرائر والضمائر، والحق أنطقه، والدليل صدقه، والحق أطلقه، هو الدليل وهو المدلول، هو الذي جلا الصدأ عن الصدر المغلول هو الذي أتي بكلام قديم، لا محدث ولا مقول ولا مفعول بالحق موصول غير مفصول، الخارج عن المعقول هو الذي أخبر عن النهاية والنهايات ونهايات النهاية.

رفع الغمام، أشار إلى بيت الحرام، هو التمام، هو الهمام ، هو الذي أمر بكسر الأصنام الذي أرسل إلى الأنام، والأجرام، فوقه غمامة برقت وتحته برقة لمعت، أشرقت، وأمطرت، وأثمرت، العلوم كلها قطرة من بحره، الحكم كلها غرفة من نهره، الأزمان كلها ساعة من دهره، الحق به ، وبه الحقيقة، هو الأول في الوصلة، هو الآخر في النبوة والباطن بالحقيقة والظاهر بالمعرفة، ما وصل إلى علمه عالم، ولا اطلع على فهمه حاكم الحق ما اسلمه إلى خلقه، لأنه هو، وأنّى هو ، وهو هو، ما خرج عن ميم (محمد) وما دخل في حائه أحد، حاؤه ميم ثانية، والدال ميم أوله، داله دوامه، ميمه محله، حاؤه حاله، حاله ميم ثانية، أظهر مقاله، أبرز أعلامه، أشاع برهانه، أنزل فرقانه، أطلق لسانه، أشرق جنانه، أعجز أقرانه، أثبت بنياته، رفع شأنه.

إن هربت من ميادينه فأين السبيل ؟ فلا دليل، يا أيها العليل، وحكم الحكماء عند حكمته ككثيب مهيل.

طاسين الفهم

أفهام الخلائق لا تتعلق بالحقيقة، والحقيقة لا تتعلق بالخليقة ، الخواطر علائق، وعلائق الخلائق لا تصل إلى الحقائق، والإدراك إلى علم الحقيقة صعب، فكيف إلى حقيقة الحقيقة ؟ الحق وراء الحقيقة، والحقيقة دون الحق.

الفراش يطير حول المصباح إلى الصباح، ويعود إلى الأشكال فيخبرهم عن الحال ، بألطف مقال، ثم يمرح بالدلال، طمعاً في الوصول إلى الكمال.

ضوء المصباح علم الحقيقة وحرارته حقيقة الحقيقة، والوصول إليه حق الحقيقة، لم يرض بضوئه، وحرارته، فيلقي جملته فيه، والأشكال ينتظرون قدومه، فيخبرهم عن النظر، حين لم يرض بالخبر، فحينئذ، يصير متلاشياً، متصاغراً متطائراً، فيبقى بلا رسم وجسم واسم ووسم، فلأي معنى يعود إلى الأشكال ؟ وبأي حال بعد ما حاز ؟ صار من وصل إلى النظر، استغنى عن الخبر، ومن وصل إلى المنظور استغنى عن النظر .

لا تصحح هذه المعاني للمتواني ، ولا الفاني، ولا الجاني، ولا لمن يطلب الأماني، كأني كأني، وكأني هو، أو هو أني، لا توق عني، إن كنت أني.

يا أيها الظان، لا تحسب أني أنا الآن، أو يكون أو كان (يارب لا تظن أنني أنا، أو أكون أو كنت، إلا أنني العارف المتجلد، وهذا هو حالي غير نزيه، إن كنت له، لست أنا هو).

إن كنت تفهم فأفهم ما صحت هذه المعاني لأحد سوى أحمد ( ما كان محمد أبا أحد) إلى النبيين وغاب عن الثقلين وغمض العين عن الأين حتى لم يبق له رين ولا مين، فكان قاب قوسين، حين وصل إلى مفرزة علم الحقيقة أخبر عن الفؤاد وخبر، ولما وصل إلى حق الحقيقة ترك المراد، واستسلم للجواد، وحين وصل إلى الحق عاد فقال (سجد لك سوادي، وآمن بك فؤادي) لما وصل إلى غاية الغايات قال (لا احصي ثناء عليك) وحين وصل إلى حقيقة الحقيقة قال : (أنت كما أثنيت على نفسك) جحد الهوى فلحق المنى (ما كذب الفؤاد ما رأى) عند سدرة المنتهى ما التفت يميناً إلى الحقيقة ولا شمالاً إلى حقيقة الحقيقة (ما زاغ البصر وما طغى).

طاسين الصفا

الحقيقة دقيقة، طرقها مضيقة، فيها نيران شهيقة ودونها مفاوز، عميقة، الغريب سلكها يخبر عن قطع مقامات الأربعين مثل :

مقام الأدب، والرهب، والسبب والطلب، والعجب، والعطب، والطرب، والشره، والنزه، والصفاء، والصدق، والرفق، والعتق، والتسويح، والترويح، والتماني، والشهود، والوجود، والعد، والكد، والرد، والامتداد، والاعتداد، والانفراد، والانقياد، والمراد، والشهود، والحضور، والرياضة، والحياطة، والافتقاد، والاصطلاد، والتدبر، والتحير، والتفكر، والتصبر، والتغير، والرفض، والنقض، والرعاية، والهداية، والبداية، فهي مقام أهل الصفاء والصفوية.

ولكل مقام معلوم مفهوم وغير مفهوم.

ثم دخل على المفازة وحازها، ثم جازها، فما لأهل المهل، مر الجبل والسهل (فلما قضى موسى الأجل) ترك الأهل حين صار للحقيقة أهلاً ومع ذلك كله رضي بالخبر دون النظر ليكون فرقاً بينه وبين خير البشر، فقال: لعلي آتيكم منها بخبر، فإذا رضي المهتدي بالخبر، فكيف لا يكون المقتدي على الأثر ؟ من الشجرة من جانب الطور ما سمع من شجرة، ما سمع من برزه، ومثلي مثل تلك الشجرة، هذا كلامه، فالحقيقة والحقيقة خليقة، دع الخليقة، لتكون أنت هو، أو هو أنت من حيث الحقيقة، لأني واصف، والموصوف واصف، والواصف بالحقيقة فكيف الموصوف، فقال له الحق (أنت تهدي إلى الدليل لا إلى المدلول، وأنا دليل الدليل). [من مخلع البسيط]

صيرني الحق بالحقيقة

هناك سري وذي الطريقه

شاهد سري بلا ضميري

هناك سري وذي الطريقه

[قال الحق: وحدثني عن قلبي، ومن علم بلساني، وقربني له بعد بعدي وجعلني من الخواص واصطفاني]

طاسين الدائرة

البراني ما وصل إليها، والثاني وصل وانقطع، والثالث ضل في مفارة (حقيقة الحقيقة).

[الباب باب ثانٍ في الدائرة مثل (ب)(ن)

وهو ذلك الباب، حيث الوصول، وفيه التيه، والثالث مفاوز الحقيقة، وهي حقيقة ذلك الباب، الذي كالباء، ويقابله بابان تحت الدائرة الثانية.

وهيهات من يدخل الدائرة والطريق مسدود والطالب مردود، ونقطة الفوقاني همته، ونقطة التحتاني رجوعه إلى أصله، ونقطة الوسطاني تحيره.

[قرب الدائرة، نقطة التحتاني، حيث رجوعه، بالاصل يطلب النقطة التي في جهة اليمين ، نقطة الوسطاني تحيره، وبالوسطاني تلك التي على يسار الدائرة].

والدائرة، ما لها باب، والنقطة التي في وسط الدائرة هي الحقيقة، ومعنى الحقيقة شيء لا تغيب عنه الظواهر والبواطن، ولا يقبل الأشكال.

فإذا أردت فهم ما أشرت إليك (فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك) لأن الحق لا يطير. الغيرة أحضرتها بعد الغيبة، والهيبة منعتها، والحيرة سلبتها، هذه معاني الحقيقة.

وأدق من ذلك فهم الفهم، لإخفاء الوهم، هذا من حول الدائرة ينظر لا من وراء الدائرة.

واما علم الحقيقة حرمي، والدائرة حرمته، فلذلك سمي النبي (صلعم) (حرمياً) ما خرج من دائرة الحرم، وهو وراءه فقال (آه).

طاسين النقطة

وأدق من ذلك ذكر النقطة وهو الأصل، لا يزيد ولا ينقص ولا يبيد، المنكر هو في دائرة البراني، وأنكر حالي حين لم يراني، وبالزندقة سماني، وبالسوء رماني.

[ينادي الذي يرى شاني، في دائرة الحرم برأيه ناداني].

وصاحب الدائرة الثانية ظنني (العلم الرباني) والذي وصل إلى الثالثة حسب أني في الاماني، والذي وصل إلى دائرة الحقيقة نساني وغاب عن عياني (كلا لا وزر * إلى بك يومئذ المستقر * ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر)، يفوت إلى الخبر، فر إلى الوزر، خاف من الشرر، اغتر وغرر.

رأيت طيراً من طيور الصوفية عليه جناحان، وأنكر شأني في حين بقي على الطيران، فسألني عن الصفاء، فقلت له: (أقطع جناحك بمقارض الفناء وإلا فلا تتبعني) فقال: (بجناح أطير) فقال له: (ويحك) (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) فوقف يومئذ في بحر الفهم، وغرق، وصورة الفهم هذا:

رأيت ربي بعين قلبي

فقلت: من أنت ؟ قال أنت

فليس للأين منك أين

وليس أين بحيث أنت

أنت الذي حزت كل أين

بنحو (لا أين) فأين أنت

وليس للوهم منك وهم

فيعلم الأين أين أنت

(النقطة الأولى من دائرة الأفكار فهم إحداها حق، والثانية باطل ودنا سمواً فتدلى علواً دنا طلباً ، فتدلى طرباً، من قبله نأى، ومن ربه دنا)، على قلبه بات، من ربه دنا، وغاب حين رآني ، ما غاب، كيف حضر، ما حضر، كيف نظر ما نظر.

تحير فأبصر ، أبصر فتحير، شوهد فشاهد، وصل فانفصل، وصل بالمراد، فانفصل عن الفؤاد (ما كذب الفؤاد ما رأى) أخفاه فأدناه وأولاه فأصفاه، وأرواه فغذاه، وصفاه فأصطفاه، ودعاه فناداه، وبلاه فأشفاه، ووقاه فأمطاه.

فكان (قاب حين تاب وأصاب، ودعي فأجاب، وأبصر فغاب، وشرب فطاب وقرب فهاب، فارق الأمصار، والأنصار، والأسرار، والأبصار، والآثار(ما ضل صاحبكم) ما اعتل وما مل، ما اعتل عين بأين ، ما مل حين كان (ما ضل صاحبكم) في مضافاتنا ومعاملاتنا، (ما ضل صاحبكم) في بستان الذكر في مشاهدتنا (وما غوى) في جولان الفكر، بل كان اللحق في الأنفاس واللحظات ذاكراً، وكان على البلايا، والعطايا شاكراً (إن هو إلا وحي يوحى) من النور إلى النور.

اقلب الكلام، وغاب، عن الأوهام وأرفع الأقدام عن الورى والأنام، واقطع منه النظم والنظام، وكن هائماً مع الهيام، واطلع لتكون طائراً بين الجبال والآكام ، جبال الفهم وآكام السلام، لترى ما ترى، فتصير صمصام ، الصيام من مسجد الحرام، ثم دنا، كأنه دنا من معنى، ثم حاجز كعاجز لا كعاجز، ثم من مقام التهذيب إلى مقام التأديب، ومن مقام التأديب إلى مقام التقريب، دنا طلباً، فتدلى هرباً، دنا داعياً، فتدلى منادياً، دنا مجيباً، فتدلى قريباً ، دنا شهيداً فتدلى مشاهداً (فكان قاب قوسين) يرمي (أين) بسهم (بين) أثبت قوسين، ليصحح (أين) أو لغيبه ، العين أدنا بعين العين.

قال العالم الغريب الحسين بن منصور الحلاج رحمه الله :

ما أظن يفهم كلامنا سوى من بلغ القوس الثاني، والقوس الثاني دون اللوح.

وله حروف سوى حروف العربية، إلا حرف واحد، وهو الميم، يعني الاسم الآخر وهو وتر قوس الأول.

(أي ملك قوس الثاني، هو الملكوت، وذلك هو قوس الأول، والملك فعل الجبروت، والقوس الثاني ملك الملكوت، والملك صفة القوسين وللملك تجل خاص حيث السهم يدل على العدم، والسهم هو القوسين).

من زاند العورة

قال رضي الله عنه : صفة الكلام في معنى الدنو، فجاد المعنى لحقيقة الحق، لا لطريقة الخلق، والدنو، دائرة، الضبط، الحقيقة حق الحقائق، في دقيقة، الدقائق، من شهود السوابق، بوصف ترياق التائق، برؤية قطع العلائق، في نمارق الصفائق، بابقاء البوائق، وتبيين الدقائق، بلفظ الخلاص، من سبيل الخاص، من حيث الأشخاص ومن الدنو ما هو بمعنى المعرض، العريض ليفهم المعنوي الذي سلك المرعوي المروي النبوي، قال صاحب يثرب (صلعم) في شأن ما هو محصون مصون، في كتاب مكنون – كما ذكرنا – في كتاب منظور مسطور، من معاني منطق الطيور و(جعلنا) إلى (فكان قاب قوسين) يرمي العين ، فافهم إن كنت تفهم يا أيها الشائق ما خاطب المولى إلا اهلاً ومن الأهل أهل وأهل الأهل والأهل، من لا استاذ له ولا تلميذ ولا اختيار ولا تمييز، ولا تمويه، ولا تنبيه، لابه لا منه بل فيه ما فيه، هو فيه لا فيه فيه، تيه في تيه في تيه آية في آية، الدعاوي معانيه، والمعاني أمانيه،وأمنيته، بعيدة، طريقته، شديدة، اسمه مجيد، رسمه فريد، معرفته، نكرته، نكرته، حقيقته، قيمته وثيقته، اسمه، طريقته، وسمه حريقته،التحرص، صفته، الناموس نعته، الشموس ميدانه، والنفوس إيوانه، والمأنوس حيوانه، والمطموس شأنه، والمدروس عيانه، والعروس بستانه، والطموس بنيانه، أربابه مهربي، أركانه موهبي، إرادته مسألي أعوانه منزلي، أحزانه محزبي حوالبه همد، توالبه رمد، مقالته : و(كن) هذا فحسب وما دونه فغضب ثم بالله التوفيق.

طاسين الأزل والالتباس

في صحة الدعاوي، بعكس معاني قال العالم السيد الغريب أبو المغيث قدس الله روحه : ما صحت الدعاوى لاحد، إلا لإبليس و(أحمد) صلعم غير أن إبليس سقط عن العين و(أحمد) صلعم كشف له عن عين العين.

قيل لإبليس أسجد، ولأحمد أنظر، هذا ما سجد، و(أحمد) ما نظر، ما التفت يميناً ولا شمالاً.

( ما زاغ البصر وما طغى).

أما إبليس فإنه دعا، لكنه ما رجع إلى حوله، و(أحمد) صلعم أدعى ورجع عن حوله بقوله: (بك أحول، وبك أصول) وبقوله : يا مقلب القلوب وقوله: لا أحصي ثناء عليك وما كان في أهل السماء موحد مثل إبليس حيث إبليس تغير عليه العين وهجر الالحاظ في السير وعبد المعبود على التجريد، ولعن حين وصل إلى التفريد وطلب حين طلب بالمزيد، فقال له : أسجد قال: لا غير قال له : وإن عليك لعنتي قال لا غير (من الهزج).

جحودي فيك تقديس

وعقلي فيك تهويس

وما آدم إلاك

ومن في البين (إبليس)

(و) مالي إلى غيرك سبيل

وإني محب ذليل

قال له (استكبرت) قال : (لو كان لي معك لحظة لكان يليق بي التكبر والتجبر، أنا الذي عرفتك في الأزل (أنا خير منه) لان لي قدمة في الخدمة، وليس في الكونين أعرف مني بك، ولي فيك إرادة، ولك في إرادة إرادتك في سابقة إن سجدت لغيرك فإن لم أسجد فلابد لي من الرجوع إلى الأصل، لأنك خلقتني من النار، والنار ترجع إلى النار، ولك التقدير والاختيار.

(من الطويل) :

فما لي بعد بُعد بَعدك بعدما

تيقنت ان القرب والبعد واحد

وإني وإن أُهجرت فالهجر صاحبي

وكيف يصح الهجر والحب واحد

لك الحمد في التوفيق في محض خالص

لعبد زكي ما لغيرك ساجد

التقى موسى عليه السلام ، وإبليس على عقبة الطور، فقال له: يا إبليس ما منعك عن السجود ؟ فقال: منعني الدعوى بمعبود واحد، ولو سجدت له، لكنت مثلك، فإنك نوديت مرة واحدة (أنظر إلى الجبل) فنظرت، ونوديت أنا ألف مرة: أن أسجد فما سجدت لدعواي بمعناي، فقال له: تركت الامر؟ قال: كان ذلك ابتلاء لا امراً فقال له: لا جرم قد غير صورتك قال له يا (موسى) ذا وذا تلبيس والحال لا معول عليه، فإنه يحول، لكن المعرفة صحيحة، كما كانت، وما تغيرت، إن الشخص قد تغير، فقال موسى : الآن تذكره، فقال يا (موسى) الفكرة لا تذكر، أنا مذكور وهو مذكور (من الرمل).

ذكره ذكري وذكري ذكره

هل يكون الذاكرون إلا معا

خدمتي الآن أصفا، ووقتي اخلا، وذكري أجلاً، لأني كنت أخدمه في القدم لحظي، والآن أخدمه لحظه، ورفعنا الطمع عن المنع، والدفع، والضر، والنفع، أفردني، أوجدني، حيرني طردني، لئلا اختلط مع المخلصين، مانعني عن الاغيار لغيرتي، غيرني لحيرتي، حيرني، لغربتي، حرمني لصحبتي، قبحني لمدحتي ، أحرمني، لهجرتي، هجرني لمكاشفتي، كشفني لوصلتي، وصلني لقطعتي، قطعني لمنع منتي.

وحقه ما أخطأت في التدبير، ولا رددتُ التقدير، ولا باليت بتغيير التصوير، لي على هذه المقادير تقدير، إن عذبني بناره ابد الأبد، ما سجدت لأحد، ولا أذل لشخص، وجسد، ولا أعرف ضداً ولا ولداً دعواي دعوى الصادقين، وأنا في الحب من الصادقين.

قال رحمه الله :

وفي أحوال عزازيل أقاويل، أحدها أنه كان في السماء داعياً وفي الأرض داعياً، في السماء دعا الملائكة يريهم المحاسن، وفي الأرض دعا الإنس يريهم القبائح، لأن الأشياء تعرف بأضدادها، والسرق والرقيق ينسج من وراء المسح الأسود، والملك يعرض المحاسن ويقول للمحسن : إن فعلتها أجرت، مرموزاً، ومن لا يعرف القبيح لا يعرف الحسن.

قال أبو عمارة الحلاج، وهو العالم الغريب :

تناظرت مع إبليس وفرعون في الفتوة فقال إبليس : إن سجدت سقط عني اسم الفتوة وقال فرعون: إن آمنت برسوله سقطت من منزله الفتوة، وقالت أنا : إن رجعت عن دعواي وقولي، سقطت من بساط الفتوة، وقال إبليس (أنا خير منه) حين لم ير غيره غيراً وقال فرعون (ما علمت لكم من إله غيري) حين لم يعرف في قومه من يميز بين الحق والباطل.

وقلت أنا : إن لم تعرفوه ، فاعرفوا آثاره،وأنا ذلك الأثر، وأنا الحق، لأني مازلت ابداً بالحق حقاً.

فصاحباي واستاذاي إبليس وفرعون، وإبليس هدد بالنار وما رجع عن دعواه، وفرعون أغرق في اليم، وما رجع عن دعواه ولم يقر بالواسطة البته (ولكن قال: (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل) ألم تر أن الله قد عارض جبريل بشأنه، وقال: لماذا ملأت فمه رملا).

وإن قتلت ، أو صلبت، أو قعطعت يداي ورجلاي لما رجعت عن دعواي.

اشتق اسم إبليس من اسمه، فغيرعزازيل العين لعلق، همته، والزاي لازدياد، الزيادة، في زيادته، والألف، إزادة في ألفته، والزاي الثانية لزهده، في رتبته، والياء، حي يأوي، إلى سهيقته، واللام لمجادلته في بليته قال له: لا تسجد يا أيها المهين، قال: محب والمحب مهين، إنك تقول: مهين ، وأنا قرأت في كتاب مبين ما يجري عليّ يا ذا القوة المتين، كيف أذل له ؟ وقد (خلقتني من نار، وخلقته، من طين) وهما ضدان لا يتوافقان وإني في الخدمة أقدم، وفي الفضل أعظم وفي العلم أعلم، وفي العمر أتم.

قال له الحق سبحانه: الاختيار لي، لا لك، قال: الاختيارات، كلها، واختياري لك، قد اخترت لي يا بديع، وإن منعتني عن سجوده فأنت المنيع، وإن أخطأت في المقال، فلا تهجرني فأنت السميع، وأن أردت أن أسجد له فأنا المطيع، لا أعرف في العارفين أعرف بك مني:

(من الخفيف):

لا تلمني فاللوم مني بعيد

وأجز سيدي فإني وحيد

إن في الوعد: وعدك الحق حقاً

إن في البدء بدء أمري شديد

من أراد الكتاب هذا خطابي

فاقرؤوا واعلموا بأني شهيد

يا أخي سمي عزازيل، لأنه عزل، وكان معزولاً في ولايته، ما رجع من بدايته، إلى نهايته، لأنه ما خرج من نهايته خروجه، معكوس في استقرار تأريسه، مشتعل بنار تعريسه، ونور ترويسه، مراضه، محيل ممصمص، مغابصه، فعيل، وميض، شراهمه، برهميه، ضواريه، مخيلية، عما ياه فطهمية، يا أخي لو فهمت لترصمت الرصم رصماً، وتوهمت الوهم وهماً ورجعت غماً وفنيت هماً.

فصحاء القوم عن بابه، خرسوا، والعرفاء، عجزوا عما درسوا، هو الذي كان أعلمهم بالسجود، وأقربهم من الموجود، وأبذلهم للمجهود، وأوفاهم بالعهود، وأدناهم من المعبود، سجدوا لآدم على المساعدة، وإبليس جحد السجود لمدته الطويلة على المشاهدة، (فاختلط أمره، وساء ظنه، فقال : (أنا خير منه) وبقي في الحجاب وتمرغ في التراب والزم بالعقاب إلى أبد الآباد).

طاسين المشيئة

[طس المشيئة وصورته هكذا :

الدائرة الأولى مشيئته، والثانية حكمته، والثالثة قدرته، والرابعة معلومته وأزليته.

قال إبليس: إن دخلت في الدائرة الأولى ابتليت بالثانية وإن حُصَّلت في الثانية ابتليت بالثالثة وأن قنعت بالثالثة، ابتليت بالرابعة.

فلا، ولا، ولا، ولا، ولا.

فبقيت على الأولى، فلعنت إلى الثاني، وطرحت إلى الثالث، وأين مني الرابع، لو علمت ان السجود ينجيني لسجدت، ولكن قد علمت أن وراء تلك الدائرة الدوائر، فقلت في حالي: هب نجوت من هذه الدائرة كيف أنجو من الثانية، والثالثة، والرابعة والألف ،الخامس (هو الحي).

طس التوحيد

والحق واحد، وأحد وحيد موحد.

والواحد والتوحيد (في) و(عن)

(وصورة صورة في هذا المعنى

علم التوحيد مفرد ، مجرد.

صورة التوحيد هكذا

التوحيد، صفة الموحد، لا صفة الموحِّد، وإن قلت : أنا قال : (أنا) فلك، لا له، وإن قلت: رجوع التوحيد إلى الموحد، وإن قلت : توحيد، كيف يرجع المتوحد إلى التوحيد ؟

وإن قلت: من الموحِّد إلى الموحّد، فقد نسبته إلى الحدة.

(إن قلت: التوحيد خلق منه، فإنني صيرت الذات ذاتين والذي وجد ذات، وعندما لا يكون الذات ذاتاً، فإنه ذات، ولا يكون ذاتاً، اختفى عندما ظهر، أين اختفى الذي (أين لا يكون) ؟ إن (ما) و(ذا) لا يتضمتان).

طس الأسرار في التوحيد

صورة طاسين الأسرار في التوحيد هكذا :

(الأسرار نازعة منه وإليه، وازعة فيه) وغير لازمة ، الأسرار منه فازعة، وإليه نازعة لأنه وازعة.

ضمر التوحيد ضمائره، لاني مضمر، بل ضمير المضمر (هاؤه) ، (هاؤه).

إن قلت : (واه) قالوا: (آه).

ألوان، وأنواع، والإشاره، إلى المنقوص، لايلوص : كأنهم بنيان مرصوص) هي حد، والحد لا يستثنى عليه أحديته، والحد حد، وأوصاف الحد إلى المحدود، والموحد لا يحد.

الحق مأوى، الحق، لا الحق، ما قال التوحيد، لأن المقال والحقيقة لا تصحان للخلق، فكيف تصحان للحق ؟

(والذي يأخذ العرض لا يكون إلا جوهراً).

(والذي لا يفارق الجسم لا يكون إلا جسماً).

( لا يفارق الروح لحظة ، ولا يكون إلا روحاً).

(إننا هضمة روحانية رجعنا إلى ما يتضمنه).

(من مشموله وهاضمه، ومقوله، وهاشمه، ومحموله).

(الأول مفعولات، والثاني مرسومات ، لدوائر الكونين، والنقطة معنى للتوحيد، وليس التوحيد، ولو أن الدائرة منفصلة).

طاسين التنزيه

(الدائرة لأمثال، وهذه صورتها

(هذه الجملة، جمل حسب أقاويل أهل الملل والمهل، والمقل، والسبل).

[هو الظاهر أولاً، وهو الباطن ثانياً، وهو الإشارة ثالثاً (يعني هذه الدوائر)].

[هذه الجملة مكونة، ومتكونة، ومحورة ومطروقة، ومسمورة، ومنكورة، ومغرورة، ومبهورة].

[في الضمائر الضمائر دائرة، ومائرة، وحائرة، وعائرة، ونائرة، وصائرة].

[هذه الجملة مكونة، والله منزه عن هذه الأساطير].



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفضول - ( عبد الله عبد الوهاب نعمان ) - ليتني ماعرفته...!!

التصوير الفني في القرآن ...ل.سيد قطب ...الناقد الفذ 1ـــ3

حديث الــــــــــروح ....للمفكر الاسلامي الباكستاني /محمـــــــد إقبالْ 1ـــ3