اليمن يستعدون لتغيير الأم العجوز!!!!




كتبهامحيي الدين سعيد ، في 18 نوفمبر 2009 الساعة: 17:51 م



>





لم يحدث قط أن حدثت نهضة ثقافية في اليمن كما حدث في أنحاء الوطن العربي أو العالم, أقصد نهضة تشمل الجميع صغارا وكبارا, كل من له علاقة بالثقافة ومن ليس له أي علاقة بها.. بل شهدنا تراجعا وتخلفا عن الجميع، وكل ماحدث من طفرات ثقافيه في بعض السنوات كان الجهد الفردي والدافع الشخصي لإثبات الوجود والإمكانيات, ولا أعتقد أن هناك من ينكر ذلك, حتى أن الذين أسهموا بشكل بارز وقوي في الحياة الثقافية من الكتاب والمبدعين اختفوا فجأة بعد غياب بعض الذين كانوا يدعمون الصحافة الثقافية، وكأن الثقافة لاتستمر إلا بهذه الجهود الفردية.!



وإذا كانت صحيفة الثقافية معلما بارزا للصحافة الثقافية قد انسحب عليها ما انسحب على غيرها من عوامل التعرية والمد والجزر ورياح التغيير إلا أن ملحق الثورة استمر يُصارع أمواج الصحافة الثقافية بهدوء وتعقل، والهروب من المناطق الملغومة والقضايا المشحونة بالاحتمالات غير المأمونة بدعوى المحافظة على الطابع الرصين الذي يتميز به هذا الملحق منذ زمن بعيد.



ولاأعتقد أني ملزم بمجاملة أحد هنا مادمنا في إطار النقد الذاتي للصحافة الثقافية في اليمن, ومازلنا نعلم أن صحيفة الثقافية وملحق الثورة قد ارتبطا بالقائمين عليهما.. بحيث أصبحا يدلان على بعضهما رغم الاختلاف بينهما من حيث المادة والكتاب والموضوعات.



ومازلنا نسمع منذ سنوات طويلة تصريحات من هنا وهناك حول اعتزام الحكومة وأحيانا هذه الجهة أو تلك إصدار صحيفة ثقافية على غرار أخبار الأدب المصرية أو مجلة الدوحة التي كانت تصدر من قطر وسيكون توزيعها على مستوى الوطن العربي، بغرض التعريف بالأدب اليمني ورموزه وأفكاره ومذاهبه ومدارسه ومناهجه والتثاقف مع الآخر، والتعريف بالذات اليمنية التي لم تستطع تجاوز النطاق المحلي حتى الآن باستثناء بعض الأسماء كالمقالح والبردوني، ولم تستطع كل الجهود الفردية التي يقودها شباب وأدباء من خلال الشبكة العنكبوتية للتعريف بها..



والحقيقة أن هذه المواقع ساهمت بامتياز في التعريف والتثقيف بالأدب اليمني وأجياله الجديدة، وقامت بدور لم تقم به الجهات الثقافية المدعومة رسميا من الدولة، وهذه ظاهرة جديدة حيث تقوم الحركة الثقافية وتعتمد كليا من الألف إلى الياء على جهد فردي نبيل، وكل هدفهم خدمة الأدب والثقافة ونشر التنوير بغية التغيير ونشر قيم المحبة والإخاء والوحدة والمعرفة..!!



اليمن مقبرة الأدباء



وللأمانة العلمية والأخلاقية فإن بلادنا مقبرة لكل أديب ولكل موهوب فكل القائمين على وسائل الأعلام المقروءة والمكتوبة والمسموعة هم أصحاب توجهات محددة، وهم أشخاص مبرمجون مسبقا على خدمة طمس كل شيء لايُمجد الحاكم الفرد الصمد أو لايُعظم منجزات الحاكم الوهمية..!!



ولدينا وسائل إعلام في قمة التخلف يديرها أناس في غاية الرجعية والنفاق ولنضرب على ذلك مثلا بالتلفزيون، فهذا الجهاز المؤثر عندما كان يستمع إليه الناس في الثمانينات وبداية التسعينيات مازال يعيش ويقتات بنفس الطريقة المحنطة قديما قبل أن يفد إلينا هذا السيل العارم من الفضائيات والانترنت فمهما كبُر حجم الضيف إذا ماقدر له أن يكون ضيفا على شاشته فهو مُطالب بأن يتحدث قبل التسجيل بما سيقوله بالحرف الواحد إذا ما أراد أن يطل على الناس، وممنوع استضافة أي كائن حي مُعارض أو قدر له يوما أن يكتب في صحيفة للمعارضة حتى ولو كان موضوع البرنامج أدبي بحت وليس له أي علاقة بالسياسة من قريب أو بعيد.



ويعتبر من المحظورات أن يتحدث عنك أي برنامج ثقافي إذا قدر له أن يكون مجرد الإشارة إليك كشاعر مهما علا صيتك أو شأنك في دنيا الشعر والأدب، وهاهو الشاعر اليمني الكبير حسن الشرفي صاحب اكبر وأجود إنتاج شعري في اليمن مغيب تماما عن هذا الجهاز الإعلامي المهم وكأنه مطالب بإنشاء قناة تلفزيونية خاصة به كما يفعل الجيران من شعراء الخليج، ومن أين له ذلك؟، فهو يعيش فوق برميل من النفط المشتعل وليس المعروض للبيع في أسواق تكساس..!!



لم يكلف أي مقدم أو معد برامج ثقافية نفسه عناء ركوب تاكسي ليذهب لإجراء حوار مفيد مع الشاعر اليمني الكبير حسن الشرفي في شارع مأرب الذي لايبعد عن مبنى الفضائية أقل من كيلو متر واحد أو اثنين، لكن عندما يرحل هذا الشاعر ستبادر كل وسائل الإعلام الحكومية الرسمية لإجراء حوارات مع الموالين له ليتحدثوا عن مواقف الشاعر الوطنية العملاقة في مساندة النظام القائم في الوقت الذي يكون الشاعر الراحل غير قادر على مجابهة السلطة والتعبير عن رأيه بصراحة وقوه..!!



الناس لاينصفون الحي بينهمُ حتى إذا ماتوارى عنهمُ ندموا



حتى العباقرة الأفذاذ حبهم يلقى الشقاء وتلقى مجدها الرمم



صنعاء عاصمة الثقافة



عندما احتفت اليمن كعاصمة ثقافيه لم يكن هناك شيء له علاقة بتلك التسمية "عاصمة الثقافة العربية" سوى شوالات بداخلها مليارات الريالات التي تسحب من البنك المركزي إلى جيوب القائمين على هذا العمل الشائن والمخجل..!!



حتى أنهم قالوا على الرويشان الذي كان وزيرا حينها والذي جعل بعض الأدباء يتقاسمون المكاسب مع غيرهم، قالوا إنه كان عبارة عن وزير يتجول بشوالات الأموال بين المحافظات، ولم يمض كثيرا من الوقت حتى قام الخلف بما فعل السلف وهات ياتكريم وشهادات ودروع وطواف على المحافظات لتهدئة الخواطر وتسكين قلوب الأدباء والشعراء..



وهانحن على مشارف انتخابات اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في الفروع ومقراتها وهناك المؤتمر العام، في حين لم يعد هذا الاتحاد بذلك الشيء المهم الذي كان وتأسس منذ البداية كفكر وحدوي ثوري إبداعي إنساني دون اعتبارات للمناطقية أو الشطرية أو مشاريع التقسيم، وها هو الاتحاد على وشك السير في قافلة النظام ليكون مسخا بلا هوية أو تاريخ أو رؤية تأسيسية منذ عمر الجاوي والبردوني وجراده رحمه الله، وغيرهم من العظماء المؤسسين الرواد.



وهانحن نعيش زمنا يكاد فيه هذا الكيان العظيم "الاتحاد" أن يهوي في أحضان السلطة، وأن يلفه النظام وأعوانه وبعض السماسرة ليكون أحد أدواتهم الفاعلة في القضاء على أي شيء اسمه ثقافة الأمة وكرامتها..



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفضول - ( عبد الله عبد الوهاب نعمان ) - ليتني ماعرفته...!!

التصوير الفني في القرآن ...ل.سيد قطب ...الناقد الفذ 1ـــ3

حديث الــــــــــروح ....للمفكر الاسلامي الباكستاني /محمـــــــد إقبالْ 1ـــ3