التصوير الفني في القرآن سيـــد قطـــب إهداء إليك يا أماه، أرفع هذا الكتاب. لطالما تسمَّعتِ من وراء “الشيش” في القرية، للقراء يرتلون في دارنا القرآن، طوال شهر رمضان. وأنا معك ـ أحاول أن ألغو كالأطفال ـ فتردني منك إشارة حازمة، وهمسة حاسمة،فأنصت معك إلى الترتيل، وتشرب نفسي موسيقاه. وإن لم أفهم بعد معناه. وحينما نشأت بين يديك ، بعثت بي إلى المدرسة الأولية في القرية، وأولى أمانيك أن يفتح الله عليَّ ، فأحفظ القرآن ، وأن يرزقني الصوت الرخيم، فأرتله لك كل آنٍ . ثم عدلت بي عن هذا الطريق في النهاية إلى الطريق الجديد الذي أسلكه الآن، بعد ما تحقق لك شطر من أمانيك، فحفظت القرآن. ولقد رحلت عنا ـ يا أماه ـ وآخر صورك الشاخصة في خيالي، جلستك في الدار أمام المذياع، تستمعين للترتيل الجميل، ويبدو في قسمات وجهك النبيل أنك تدركين ـ بقلبك الكبير، وحسك البصير ـ مراميه وخفاياه. فإليك يا أماه..ثمرة توجيهك الطويل. لطفلك الصغير. ولفتاك الكبير. ولئن كان قد فاته جمال الترتيل ، فعسى ألا يكون قد فاته جمال التأويل. والله يرعاك عنده ويرعاه. ابنك سيد لقد وجدت القرآن! لهذا الكتاب في نفسي قصة ول...
تعليقات