التصوير الفني في القرآن ...ل.سيد قطب ...الناقد الفذ 1ـــ3
التصوير الفني في القرآن سيـــد قطـــب إهداء إليك يا أماه، أرفع هذا الكتاب. لطالما تسمَّعتِ من وراء “الشيش” في القرية، للقراء يرتلون في دارنا القرآن، طوال شهر رمضان. وأنا معك ـ أحاول أن ألغو كالأطفال ـ فتردني منك إشارة حازمة، وهمسة حاسمة،فأنصت معك إلى الترتيل، وتشرب نفسي موسيقاه. وإن لم أفهم بعد معناه. وحينما نشأت بين يديك ، بعثت بي إلى المدرسة الأولية في القرية، وأولى أمانيك أن يفتح الله عليَّ ، فأحفظ القرآن ، وأن يرزقني الصوت الرخيم، فأرتله لك كل آنٍ . ثم عدلت بي عن هذا الطريق في النهاية إلى الطريق الجديد الذي أسلكه الآن، بعد ما تحقق لك شطر من أمانيك، فحفظت القرآن. ولقد رحلت عنا ـ يا أماه ـ وآخر صورك الشاخصة في خيالي، جلستك في الدار أمام المذياع، تستمعين للترتيل الجميل، ويبدو في قسمات وجهك النبيل أنك تدركين ـ بقلبك الكبير، وحسك البصير ـ مراميه وخفاياه. فإليك يا أماه..ثمرة توجيهك الطويل. لطفلك الصغير. ولفتاك الكبير. ولئن كان قد فاته جمال الترتيل ، فعسى ألا يكون قد فاته جمال التأويل. والله يرعاك عنده ويرعاه. ابنك سيد لقد وجدت القرآن! لهذا الكتاب في نفسي قصة ول...