أيها المتنبي…..كفانا وجعاً…!!




كانت المقولة السائدة…إن الكتب تؤلف في مصر وتطبع في بيروت وتقرأ في بغداد ,

ولقد كانت الأخت جنان عبد الله في تحقيقها المصور بالكلمة والعدسة….عن شارع المتنبي

الذي تطاولت أعناقنا ونحن نقرأ عنه هذا التحقيق اللافت للنظر والقلب….

فكم ولطالما…أرتبط هذا الشارع بوجداننا من خلال الذكريات والأحاديث التي فاضت بها أسفار ورحلات ورسائل الأصدقاء ,وهنا أذكر صديقي الدكتور(………)…الذي درس في جامعة المستنصرية…ببغداد ,وكان بعثياً من أعلى رأسه حتى أخمص قدميه….ويظل هكذا حتى يصل إلى الطريبيل -وهي منطقة حدوديه بين العراق والأردن-حتى إذا غادر العراق ووصل اليمن

تحول بسرعة البرق وتحول 180 درجة….من بعثي الى مؤتمري مخلص…الى درجة مسح الأحذية….!!



ولما كنت أنا قش صديقي هذا عن قدرته الفذة على تغيير مبادئه هكذا بسهولة خلع الشراب

من القدم…كان يغالطني بحديثة وتشويقه لي عن شارع المتنبي….ومايحتويه من أصناف الكتب, وعن تاريخية هذا الشارع…وخلفيته الثقافية…وهو الأمر الذي اعطته "جنان " حقه من المرجعية التاريخية….وكيف ارتبط تاريخ العراق الحديث بشارع المتنبي ….من حيث الثقافة ومن حيث أصبح من لايمر من هذا الشارع فكأنه لم يمر العراق أبداً ولا بغداد أيضاً…



فمن هناك مر المتنبي الى مصر ..ومر الجواهري ومعروف الرصافي وجميل الزهاوي والسياب

بدر شاكر ونازك الملائكه وعاتكة الخزرجي ولميعه عباس عماره….و " جنان عبد الله"…



ولا أظن مؤرخاً أو رحالة لو قدر له أن يؤرخ للعراق منذ القرن التاسع عشر….وحتى اليوم

إلاً أن يبدأ من شارع المتنبي وينتهي بشارع المتنبي….هذا الشارع العظيم الأسم والمسمى

في هذه العجالة - وسأعود اليها_ لايسعني إلا أن أشكر "جناااان " هنا في جنون …على هذه الصور المتكاملة عن شارع المتنبي الذي رايته بعينيها ومشيت فيه ….بقدميها……

وبكيته بدموعها……..!!!





--------------------------------------------------------------------------------





عيون’ المها بين الرصافة والجسر…!!



بعد قراءة المتنبي…لسان بغداد…للكاتبه "جنان" ,يذهب بنا الخيال الى أبعد مما نريد,

يذهب بنا الى التاريخ..,والعمران ,والشعر…,ولانتوقف عند المتنبي…,بل ننحني احتراماً وإجلالاً….

ونخلع القبعة للشاعر العربي الذي قدم من الباديه في زمن المتوكل…,ودخل عل الخليفه

ليمدحه بالقصيدة الشهيره :



أنت كالكلب في حفاظك الود وكالتيس في قراءة الكتب



فعبر الشاعر علي بن الجهم , عن بيئته التي قدم منها…وهذا ماشفع له….

ولكنه بعد أن ترقق طبعه , وذاق حلاوة حب البغداديات….,قال هذا البيت-من قصيدة-

والذي سارت به الركبان , ويعتبر أشهر الأبيات التي قيلت في بغداد -بعد تغريبة ابن زريق البغدادي-والرصافة تحديداً….



عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث أدري ولاأدري



وبنظرة سريعة ولاتحتاج الى شرح وسرح….,نرى مفارقة هائلة بين الحال الأول …,

والحال الثاني….ونخلص الى ماصنعته بغداد والرصافة والكرخ…..بروح ووجدان هذا الشاعر

الذي تهذب طبعه بين ليلة وضحاها…بفضل امرأة تسكن الرصافه وحبيبة من الكرخ…وجميلة

جميلات بغداد وقد مرًت من فوق الجسر في لحظة…لكن الشاعر علي بن الجهم جعل من هذه اللحظة أو من هذا الحب ..أو من هذا الجمال البغدادي…دهراً,وزمناً لايبلى….ولاينساه الناس….ولاننساه نحن .ولم تنساه"جنان"…!



ومن المفارقات الغريبة والكبيرة ,أن المتنبي وحده من بين الشعراء جميعاً…أستحوذ على

تاريخ بغداد وحب بغداد وثقافة بغداد والموت في بغداد….الى حد أن الموت في بغداد

يعدُ شرفاً كبيراً…وكذلك الحب في بغداد….والشعر في بغداد….والسفر الى بغداد…..

فاأستطاعت هذه الكاتبة البغدادية , أن تلتقط اللحظة التأريخية…وتجعلنا سكارى في أحضان شارع المتنبي…وبين الرصافة والجسر….





وتبقى بغداد عصيةٌ على النسيان..!!!



بغداد تطالعنا بطول حياتنا وعرضها , وكأنه مقدرُ لنا أن ترتبط حياتنا ببغداد, فنحن نعرف عن بغداد وتاريخها أكثر مما يعرفه بعض أهلها..وساكنيها أو الذين مروا بها-وهم كثير- سواء من الأعداء أو الأصدقاء…,المستعمر أو الباحث عن الثقافة…أو عن درجة علمية..أو كوبون نفط..!!

منذ نعومة أظفارنا ونحن نقرأ عن بغداد…وعشاقها وشعراءها وعياريها ونواسييها ورشيدها

وغانياتها…وجميلاتها وبساتينها وكل شئ…كل شئ فيها…!!!

ولكن كل مساوئها لم نقف عندها …بل وقفنا عند أجمل مافي بغداد…ونهلنا من عباقرة بغداد

فكرهم وشعرهم وشعورهم ونثرهم وقوتهم وأخلاقهم…لم يؤثر فينا كل فلاسفة وكتاب الغرب كما فعل …

(الإمتاع والمؤانسة) لأبي حيان التوحيدي…وكتاب المقابسات…وكتاب الهوامل الشوامل…

وعشرات المؤلفات .-فكيف بذلك الكم الهائل من المعارف والعلوم -له وحده فقط.-ومع كل ذلك ,لم يكتف أبو حيان التوحيدي ,بل أضاف الى كتبه عملاً مجنوناً وأحمقا (كالذي يفعلة البعض منا أحياناً)-وأقصد نفسي.-أمس أو اليوم لافرق…-

وأنا أكتب هذا الموضوع … -حيث قام بإحراق كل ماكتبه وقد مر بلحظات بؤس وألم نفسي مرير

لضيق ذات اليد وتنكر ( أحب الناس إليه)…وهنا لضيق ذات القلب(وتنكر انسان رائع …بدون سبب واضح ومفهوم )و هنا تحضرني هذه القصة البائسة والمؤسفة…ومع ذلك بقيت كتب

التوحيدي….وتناقلتها رفوف مكتبات المستعمرين والوراقين…ووصلت إلينا لسبب بسيط..

هو أننا أحببنا بغداد…جميعاً…ولايوجد تفسير لذلك…..أبداً….كما هو تاريخ بغداد..!

وهنا أريد أن أستذكر الشاعر البغدادي (سلم الخاسر)…الذي سمي بهذا الأسم لأنه كان

يمتلك مصحفاً جميلاً ….فذهب إلى السوق وأستبدله..ب.طنبور وهو-(العود)-ليعزف عليه,

هنا نلتفت الى هذا التناقض الرهيب بين العبقريه…وماتبقى منها….!!!

ولذلك يبقى حب بغداد..دونما سبب…في إطار هذه التناقضات التي توارثها البغداديون

والبغداديات خاصة -للأسف الشديد-ويعلق بقلوبنا حب الديار ومن سكن الديارا,وحب الكرخ والرصافة

والجسر ومابينهما….حتى شارع المتنبي وأبو نواس والرشيد…!!

وكما قال عاشق بغداد وفوز … الشاعرالأكبر العباس بن الأحنف:

أموت’ شوقاً ولاألقاكم’ أبداً ……فياحسرتاه وياشوقاً وياأسفا..!







عُيونُ المَها بَينَ الرُصافَةِ وَالجِسرِ

للشاعر/ علي بن الجهم #



عُيونُ المَها بَينَ الرُصافَةِ وَالجِسرِ جَلَبنَ الهَوى مِن حَيثُ أَدري وَلا أَدري

أَعَدنَ لِيَ الشَوقَ القَديمَ وَلَم أَكُن سَلَوتُ وَلكِن زِدنَ جَمراً عَلى جَمرِ

سَلِمنَ وَأَسلَمنَ القُلوبَ كَأَنَّما تُشَكُّ بِأَطرافِ المُثَقَّفَةِ السُمرِ

وَقُلنَ لَنا نَحنُ الأَهِلَّةُ إِنَّما تُضيءُ لِمَن يَسري بِلَيلٍ وَلا تَقري

فَلا بَذلَ إِلّا ما تَزَوَّدَ ناظِرٌ وَلا وَصلَ إِلّا بِالخَيالِ الَّذي يَسري

أحينَ أزحنَ القَلبَ عَن مُستَقَرِّهِ وَأَلهَبنَ ما بَينَ الجَوانِحِ وَالصَدرِ

صددنَ صدودَ الشاربِ الخمر عندما روى نفسَهُ عن شربها خيفةَ السكرِ

ألا قَبلَ أَن يَبدو المَشيبُ بَدَأنَني بِيَأسٍ مُبينٍ أَو جَنَحنَ إِلى الغَدرِ

فَإِن حُلنَ أَو أَنكَرنَ عَهداً عَهِدنَهُ فَغَيرُ بَديعٍ لِلغَواني وَلا نُكرِ

وَلكِنَّهُ أَودى الشَبابُ وَإِنَّما تُصادُ المَها بَينَ الشَبيبَةِ وَالوَفرِ

كَفى بِالهَوى شُغلاً وَبِالشَيبِ زاجِراً لَوَ اَنَّ الهَوى مِمّا يُنَهنَهُ بِالزَجرِ

أَما وَمَشيبٍ راعَهُنَّ لَرُبَّما غَمَزنَ بَناناً بَينَ سَحرٍ إِلى نَحرِ

وَبِتنا عَلى رَغمِ الوُشاةِ كَأَنَّنا خَليطانِ مِن ماءِ الغَمامَةِ وَالخَمرِ

خَليلَيَّ ما أَحلى الهَوى وَأَمَرَّهُ وَأَعلَمَني بِالحُلوِ مِنهُ وَبِالمُرِّ

بِما بَينَنا مِن حُرمَةٍ هَل رَأَيتُما أَرَقَّ مِنَ الشَكوى وَأَقسى مِنَ الهَجرِ

وَأَفضَحَ مِن عَينِ المُحِبِّ لِسِرِّهِ وَلا سِيَّما إِن أَطلَقَت عَبرَةً تَجري

وَما أَنسَ مِ الأَشياءِ لا أَنسَ قَولَها لِجارَتِها ما أَولَعَ الحُبَّ بِالحُرِّ

فَقالَت لَها الأُخرى فَما لِصَديقِنا مُعَنّىً وَهَل في قَتلِهِ لَكِ مِن عُذرِ

عِديهِ لَعَلَّ الوَصلَ يُحييهِ وَاِعلَمي بِأَنَّ أَسيرَ الحُبِّ في أَعظَمِ الأَمرِ

فَقالَت أَداري الناسَ عَنهُ وَقَلَّما يَطيبُ الهَوى إِلّا لِمُنهَتِكِ السِترِ

وَأَيقَنَتا أَن قَد سَمِعتُ فَقالَتا مَنِ الطارِقُ المُصغي إِلَينا وَما نَدري

فَقُلتُ فَتىً إِن شِئتُما كَتَمَ الهَوى وَإِلّا فَخَلّاعُ الأَعنَّةِ وَالعُذرِ

عَلى أَنَّهُ يَشكو ظَلوماً وَبُخلَها عَلَيهِ بِتَسليمِ البَشاشَةِ وَالبِشرِ

فَقالَت هُجينا قُلتُ قَد كانَ بَعضُ ما ذَكَرتِ لَعَلَّ الشَرَّ يُدفَعُ بِالشَرِّ

فَقالَت كَأَنّي بِالقَوافي سَوائِراً يَرِدنَ بِنا مِصراً وَيَصدُرنَ عَن مِصرِ

فَقُلتُ أَسَأتِ الظَنَّ بي لَستُ شاعِراً وَإِن كانَ أَحياناً يَجيشُ بِهِ صَدري

صِلي وَاِسأَلي مَن شِئتِ يُخبِركِ أَنَّني عَلى كُلِّ حالٍ نِعمَ مُستَودَعُ السِرِّ

وَما أَنا مِمَّن سارَ بِالشِعرِ ذِكرُهُ وَلكِنَّ أَشعاري يُسَيِّرُها ذِكري

وَما الشِعرُ مِمّا أَستَظِلُّ بِظِلِّهِ وَلا زادَني قَدراً وَلا حَطَّ مِن قَدري

وَلِلشِّعرِ أَتباعٌ كَثيرٌ وَلَم أَكُن لَهُ تابِعاً في حالِ عُسرٍ وَلا يُسرِ

وَما كُلُّ مَن قادَ الجِيادَ يَسوسُها وَلا كُلُّ مَن أَجرى يُقالُ لَهُ مُجري









عُيونُ المَها بَينَ الرُصافَةِ وَالجِسرِ

للشاعر/ علي بن الجهم #



عُيونُ المَها بَينَ الرُصافَةِ وَالجِسرِ جَلَبنَ الهَوى مِن حَيثُ أَدري وَلا أَدري

أَعَدنَ لِيَ الشَوقَ القَديمَ وَلَم أَكُن سَلَوتُ وَلكِن زِدنَ جَمراً عَلى جَمرِ

سَلِمنَ وَأَسلَمنَ القُلوبَ كَأَنَّما تُشَكُّ بِأَطرافِ المُثَقَّفَةِ السُمرِ

وَقُلنَ لَنا نَحنُ الأَهِلَّةُ إِنَّما تُضيءُ لِمَن يَسري بِلَيلٍ وَلا تَقري

فَلا بَذلَ إِلّا ما تَزَوَّدَ ناظِرٌ وَلا وَصلَ إِلّا بِالخَيالِ الَّذي يَسري

أحينَ أزحنَ القَلبَ عَن مُستَقَرِّهِ وَأَلهَبنَ ما بَينَ الجَوانِحِ وَالصَدرِ

صددنَ صدودَ الشاربِ الخمر عندما روى نفسَهُ عن شربها خيفةَ السكرِ

ألا قَبلَ أَن يَبدو المَشيبُ بَدَأنَني بِيَأسٍ مُبينٍ أَو جَنَحنَ إِلى الغَدرِ

فَإِن حُلنَ أَو أَنكَرنَ عَهداً عَهِدنَهُ فَغَيرُ بَديعٍ لِلغَواني وَلا نُكرِ

وَلكِنَّهُ أَودى الشَبابُ وَإِنَّما تُصادُ المَها بَينَ الشَبيبَةِ وَالوَفرِ

كَفى بِالهَوى شُغلاً وَبِالشَيبِ زاجِراً لَوَ اَنَّ الهَوى مِمّا يُنَهنَهُ بِالزَجرِ

أَما وَمَشيبٍ راعَهُنَّ لَرُبَّما غَمَزنَ بَناناً بَينَ سَحرٍ إِلى نَحرِ

وَبِتنا عَلى رَغمِ الوُشاةِ كَأَنَّنا خَليطانِ مِن ماءِ الغَمامَةِ وَالخَمرِ

خَليلَيَّ ما أَحلى الهَوى وَأَمَرَّهُ وَأَعلَمَني بِالحُلوِ مِنهُ وَبِالمُرِّ

بِما بَينَنا مِن حُرمَةٍ هَل رَأَيتُما أَرَقَّ مِنَ الشَكوى وَأَقسى مِنَ الهَجرِ

وَأَفضَحَ مِن عَينِ المُحِبِّ لِسِرِّهِ وَلا سِيَّما إِن أَطلَقَت عَبرَةً تَجري

وَما أَنسَ مِ الأَشياءِ لا أَنسَ قَولَها لِجارَتِها ما أَولَعَ الحُبَّ بِالحُرِّ

فَقالَت لَها الأُخرى فَما لِصَديقِنا مُعَنّىً وَهَل في قَتلِهِ لَكِ مِن عُذرِ

عِديهِ لَعَلَّ الوَصلَ يُحييهِ وَاِعلَمي بِأَنَّ أَسيرَ الحُبِّ في أَعظَمِ الأَمرِ

فَقالَت أَداري الناسَ عَنهُ وَقَلَّما يَطيبُ الهَوى إِلّا لِمُنهَتِكِ السِترِ

وَأَيقَنَتا أَن قَد سَمِعتُ فَقالَتا مَنِ الطارِقُ المُصغي إِلَينا وَما نَدري

فَقُلتُ فَتىً إِن شِئتُما كَتَمَ الهَوى وَإِلّا فَخَلّاعُ الأَعنَّةِ وَالعُذرِ

عَلى أَنَّهُ يَشكو ظَلوماً وَبُخلَها عَلَيهِ بِتَسليمِ البَشاشَةِ وَالبِشرِ

فَقالَت هُجينا قُلتُ قَد كانَ بَعضُ ما ذَكَرتِ لَعَلَّ الشَرَّ يُدفَعُ بِالشَرِّ

فَقالَت كَأَنّي بِالقَوافي سَوائِراً يَرِدنَ بِنا مِصراً وَيَصدُرنَ عَن مِصرِ

فَقُلتُ أَسَأتِ الظَنَّ بي لَستُ شاعِراً وَإِن كانَ أَحياناً يَجيشُ بِهِ صَدري

صِلي وَاِسأَلي مَن شِئتِ يُخبِركِ أَنَّني عَلى كُلِّ حالٍ نِعمَ مُستَودَعُ السِرِّ

وَما أَنا مِمَّن سارَ بِالشِعرِ ذِكرُهُ وَلكِنَّ أَشعاري يُسَيِّرُها ذِكري

وَما الشِعرُ مِمّا أَستَظِلُّ بِظِلِّهِ وَلا زادَني قَدراً وَلا حَطَّ مِن قَدري

وَلِلشِّعرِ أَتباعٌ كَثيرٌ وَلَم أَكُن لَهُ تابِعاً في حالِ عُسرٍ وَلا يُسرِ

وَما كُلُّ مَن قادَ الجِيادَ يَسوسُها وَلا كُلُّ مَن أَجرى يُقالُ لَهُ مُجري







عُيونُ المَها بَينَ الرُصافَةِ وَالجِسرِ

للشاعر/ علي بن الجهم #



عُيونُ المَها بَينَ الرُصافَةِ وَالجِسرِ جَلَبنَ الهَوى مِن حَيثُ أَدري وَلا أَدري

أَعَدنَ لِيَ الشَوقَ القَديمَ وَلَم أَكُن سَلَوتُ وَلكِن زِدنَ جَمراً عَلى جَمرِ

سَلِمنَ وَأَسلَمنَ القُلوبَ كَأَنَّما تُشَكُّ بِأَطرافِ المُثَقَّفَةِ السُمرِ

وَقُلنَ لَنا نَحنُ الأَهِلَّةُ إِنَّما تُضيءُ لِمَن يَسري بِلَيلٍ وَلا تَقري

فَلا بَذلَ إِلّا ما تَزَوَّدَ ناظِرٌ وَلا وَصلَ إِلّا بِالخَيالِ الَّذي يَسري

أحينَ أزحنَ القَلبَ عَن مُستَقَرِّهِ وَأَلهَبنَ ما بَينَ الجَوانِحِ وَالصَدرِ

صددنَ صدودَ الشاربِ الخمر عندما روى نفسَهُ عن شربها خيفةَ السكرِ

ألا قَبلَ أَن يَبدو المَشيبُ بَدَأنَني بِيَأسٍ مُبينٍ أَو جَنَحنَ إِلى الغَدرِ

فَإِن حُلنَ أَو أَنكَرنَ عَهداً عَهِدنَهُ فَغَيرُ بَديعٍ لِلغَواني وَلا نُكرِ

وَلكِنَّهُ أَودى الشَبابُ وَإِنَّما تُصادُ المَها بَينَ الشَبيبَةِ وَالوَفرِ

كَفى بِالهَوى شُغلاً وَبِالشَيبِ زاجِراً لَوَ اَنَّ الهَوى مِمّا يُنَهنَهُ بِالزَجرِ

أَما وَمَشيبٍ راعَهُنَّ لَرُبَّما غَمَزنَ بَناناً بَينَ سَحرٍ إِلى نَحرِ

وَبِتنا عَلى رَغمِ الوُشاةِ كَأَنَّنا خَليطانِ مِن ماءِ الغَمامَةِ وَالخَمرِ

خَليلَيَّ ما أَحلى الهَوى وَأَمَرَّهُ وَأَعلَمَني بِالحُلوِ مِنهُ وَبِالمُرِّ

بِما بَينَنا مِن حُرمَةٍ هَل رَأَيتُما أَرَقَّ مِنَ الشَكوى وَأَقسى مِنَ الهَجرِ

وَأَفضَحَ مِن عَينِ المُحِبِّ لِسِرِّهِ وَلا سِيَّما إِن أَطلَقَت عَبرَةً تَجري

وَما أَنسَ مِ الأَشياءِ لا أَنسَ قَولَها لِجارَتِها ما أَولَعَ الحُبَّ بِالحُرِّ

فَقالَت لَها الأُخرى فَما لِصَديقِنا مُعَنّىً وَهَل في قَتلِهِ لَكِ مِن عُذرِ

عِديهِ لَعَلَّ الوَصلَ يُحييهِ وَاِعلَمي بِأَنَّ أَسيرَ الحُبِّ في أَعظَمِ الأَمرِ

فَقالَت أَداري الناسَ عَنهُ وَقَلَّما يَطيبُ الهَوى إِلّا لِمُنهَتِكِ السِترِ

وَأَيقَنَتا أَن قَد سَمِعتُ فَقالَتا مَنِ الطارِقُ المُصغي إِلَينا وَما نَدري

فَقُلتُ فَتىً إِن شِئتُما كَتَمَ الهَوى وَإِلّا فَخَلّاعُ الأَعنَّةِ وَالعُذرِ

عَلى أَنَّهُ يَشكو ظَلوماً وَبُخلَها عَلَيهِ بِتَسليمِ البَشاشَةِ وَالبِشرِ

فَقالَت هُجينا قُلتُ قَد كانَ بَعضُ ما ذَكَرتِ لَعَلَّ الشَرَّ يُدفَعُ بِالشَرِّ

فَقالَت كَأَنّي بِالقَوافي سَوائِراً يَرِدنَ بِنا مِصراً وَيَصدُرنَ عَن مِصرِ

فَقُلتُ أَسَأتِ الظَنَّ بي لَستُ شاعِراً وَإِن كانَ أَحياناً يَجيشُ بِهِ صَدري

صِلي وَاِسأَلي مَن شِئتِ يُخبِركِ أَنَّني عَلى كُلِّ حالٍ نِعمَ مُستَودَعُ السِرِّ

وَما أَنا مِمَّن سارَ بِالشِعرِ ذِكرُهُ وَلكِنَّ أَشعاري يُسَيِّرُها ذِكري

وَما الشِعرُ مِمّا أَستَظِلُّ بِظِلِّهِ وَلا زادَني قَدراً وَلا حَطَّ مِن قَدري

وَلِلشِّعرِ أَتباعٌ كَثيرٌ وَلَم أَكُن لَهُ تابِعاً في حالِ عُسرٍ وَلا يُسرِ

وَما كُلُّ مَن قادَ الجِيادَ يَسوسُها وَلا كُلُّ مَن أَجرى يُقالُ لَهُ مُجري



تعليقات

مثل العصافير ظمآنات لاماء يرويهن ولا افيـــــــــــاء يتظللين

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفضول - ( عبد الله عبد الوهاب نعمان ) - ليتني ماعرفته...!!

التصوير الفني في القرآن ...ل.سيد قطب ...الناقد الفذ 1ـــ3

حديث الــــــــــروح ....للمفكر الاسلامي الباكستاني /محمـــــــد إقبالْ 1ـــ3